أمي لا زالت أحلامي تنتظر/ناريمان معتوق
لوحات فنية على خارطة الطريق
هناك عند اقترابي من الجدول
في المدينة الرائعة
بوجوهها السعيدة رغم تخطي الآلالم
وهنا مع الربيع الذي أعلن عن حضوره بقوة
بدأت الأزهار تتفتح والفراشات
بألوانها الزاهية فرحة تتنقل بين الورود
وبين تلك الورود التي نقشت لوحة فنية
لوحة ربانية من صنع الخالق
نظرت الى الجبال سرت بين
أشجارها الممتدة نحو السماء الشامخة بعلوها
سبحان الله
تلك الارض الخصبة
التي تعلن بدء مواسم العطاء
رائحة الطرقات تعبق بالزهور لحظات أسير
....
بين الورود هناك مجموعة أطفال تلعب تتحدث
....
بين الورود هناك مجموعة أطفال تلعب تتحدث
تمحو الأخطاء بعفويتها
تحكي قصصاً أقرب منها إلى الخيال
ترويها بضحكات خجولة إقتربت منهم أكثر علّي
أسمع بحشرية زائدة
علام تكون ضحكاتهم وفرحهم
علّي أسمع بعض ما يقولون
من ألوان غير مصبوغة بالحقد
أربعة اطفال
بسن العاشرة أو ما دونها
بعد الصمت لحظات
سأل احدهم
ألم تعلم يا أحمد أن عيد الأم غداً
فرد عليه بإبتسامة شفافة علمت انه أحمد
أومأ برأسه وطأطأه خجلاً
أسرع رفاقه على الإجابة على السؤال
نعم نحن نعلم
فقال صاحب الصوت الأول
ماذا ستقدم لأمك هدية عيد الأم؟
انا أحضرت لها هدية
كنت قد إدّخرت بعضاً من مصروفي
من أجل هذا اليوم
نظر بحزن تألم نظر إلى السماء
وثم استرسل بالبعيد
كأنه يعيد ترتيب الأحداث
آه ما أغباني
(تذكر أن والدة أحمد توفاها الله منذ خمس سنين)
أسرع إليه يعتذر منه بقلبه الأبيض
أصبحت دموع أحمد لآلئ كشلال
من نور تأبى التوقف ف ل أحمد أُم لكن
قدر الله أن تنتقل إلى رحمته
بعد صراع مع المرض دام أشهر
وها هو يتيم
له أب سافر وتركه عند جدته
تعتني به
منذ خمس سنين ترعاه
بحضنها الدافئ
ركض بخطى ثقيلة إلى منزله
ذاك الذي أول الشارع يعلن بكل إباء الصمود
بوجه العقبات والمحن
بكى بكاءً مراً استوقفته الذكريات
علّها تنسيه بعض الفقد
بتواجد جدة حنون بحياته
بكى بكاءً مراً أخرست صوته الدموع
بكى بأنين وألم
(آه ٍ...غداً عيد الأم)
فقد إعتاد ان يأخذ الورود على قبر أمه
ليس كباقي رفقائه إعطائها بيدها الهدية
إعتاد أن يمسح دموعه الملقاة على الثرى بين الأعشاب
تحررت الكلمات
سابق الريح بخطى مسرعة متجهاً
نحو جدته بصوت بريئ
رمى عليها السلام لمحت
بين عينيه الدموع
سألت تستفسر ما به
....عانقها بلطف وحنان بعدها....
يعلن أن للصمت جناحان لا بدّ أن ينكسر
إتجه نحو غرفته
إنتشل ورقة صغيرة من تحت وسادته
كان قد كتب عليها بعض كلمات
موجهة الى والدته
بدأها بسطر مغلف بالأماني
وكانت تلك الكلمات
(لله رحمة من السماء أنزلها على عباده فكانت الأم)
ها هو يعلن أن الحب لم ينتهِ بين الأسطر
وبعدها كتب:
عندما أخذتك المنية ربي أعطاني حضناً أنتشي منه لحظات من الحب
فكانت (جدتي)
وبعد أسطر قليلة من الوجع لفقده كتب....
أحبكِ
أحبكِ
أحبكِ
أغلق الرسالة ثم أعادها تحت وسادته
وأعلن أن للصباح عنوان
ببزوغ فجر جديد
حين بدأت الشمس
تتسلل بخيوطها الذهبية
على وجه ذاك الطفل الحزين
إستفاق على زقزقة العصافير
أخرج رسالته
من تحت الوسادة حملها بلطف
إتجه نحو الباب
وركض نحو الحديقة
قطف بعض الزهور وجمعها باقتين
ترى لمن سيهديها؟
إتجه نحو جدته
تبسم لها قبلها وقدم لها باقة من الزهر
عربون محبة وصدق
فرحت بعطائه
وشكرت الخالق محبته
فهي من ربته على الحب
منذ فقد أمه منذ خمس سنوات
سار بعيداً معه باقة الزهر تلك
ثم اتجه نحو
....
قبر والدته
إقترب أكثر فأكثر قرأ
الفاتحة عن روحها ووضع باقة الزهر
وتلك الرسالة ثم بخطى واثقة
اتجه نحو المنزل فرحاً
فكانت فرحته كبيرة هذا اليوم
بحب وعطاء وسرور أمضى أوقاته مع أحبته
*******************
أتمنى أن تنال إعجابكم
إهداء إلى كل الأمهات
مع الحب
ناريمان معتوق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق